السلام عليكم ورحمة الله ..
أقدم إليكم اليوم كتاب رائع بحق بعد ما أنهيت قراءته "الأساطير المؤسسة
للسياسة الإسرائيلية" وهو كتاب صادم تناوله صاحبه بطريقة عرض جديدة
ورائعة، مؤلف هذا الكتاب المرحوم "روجيه جارودي" من كبار الفلاسفة المعاصرين
وهو فرنسي الأصل مر بثلاث مراحل المسيحية ثم الإلحاد ثم الإسلام، وبسبب هذا
الكتاب حوكم بفرنسا وحاول اللوبي الصهيوني سحب نسخ الكتاب لكنه لم يفلح،
الكتابُ الذي يؤدي بصاحبه للسجنَ، يستحقُّ القراءةَ بغضِّ النظرِ عن
موضوعِه، فكيفَ إن كان موضوعُه الصهيونيةَ وكشفَ أساطيِرها التي تقبّلها
البعضُ وكأنها حقائقُ لا مجالَ للتشكيكِ فيها. وعندما نشر الكتاب بالفعل
على نفقته الخاصة تمت محاكمته وأدين بتهمة التشكيك في الهولوكوست وحكم
عليه بالحبس والغرامة، كتاب هام يقدم رؤية جارودي المبنية على عدد هائل من
المراجع حول الأساطير التي ساهمت في إيصال إسرائيل للسيطرة على عقول
الكثير من الساسة والدول عبر العالم، هذه الأساطيرُ تنوعت، بين كلاسيكيةِ
(كشعب بلا أرض وأرض بلا شعب)، أسطورة (اليهود شعب الله المختار)، (
الأرض الموعودة لليهود في فلسطين )، (العقيدة اليهودية والصهيونية السياسية
والمسافة بين الاثنين)، أسطورة (المحرقة النازية الهولوكوست) وهي
محورٌ رئيسٌ في الكتابِ وشملها أغلبُ أجزائه، على أن جارودي لا يقولُ بعدم
وجودِ الإبادةِ ولا التطهيرِ من قبل النازيةِ بقيادة هتلر فقتلُ إنسان
واحدٍ بريء بسبب عقيدته أو أصله العرقي يعد جريمة في حقِ الإنسانية بأسرها،
ولكن سعيَه منصبٌ على نقطتين رئيستين: الأرقامِ المبالغِ فيها والخيالية
لضحايا اليهود (٤.٥ الى ٦ ملايين) وما استلزم الاعتقاد به من تبعاتٍ
واستغلالٍ سياسي بقت آثاره لليوم، والنقطة الأخرى أن هذا التطهيرَ لم يكن
محصورا باليهودِ وحدهم بل كان للشيوعيين والسلاف وغيرهم نصيبٌ منه انطلاقا
وبناء على نظريةِ العرقِ الآري النقي، هناك جانبٌ هامشي في الكتابِ لكنه
جديرٌ بالملاحظةِ وهو الحصار الذي فرض على جارودي من خلالِ نقده وفضحه
للصهيونيةِ وهذا الكتاب واحدٌ من أعماله التي جلبت عليه هذا الحصارَ، حتى
أصبحت دورُ النشرِ تتجنب بل ترفضُ التعاملَ معه لنشرِ مؤلفاته، إلى أن وصل
لمرحلة نشر كتبه بنفسه على نفقته الخاصة، الكتابُ جميلٌ وماتعٌ ومهم كذلك،
والمهتم بالصهيونيةِ والقضيةِ الفلسطينيةِ ونكبتِها ضروريٌ له الاطلاع
عليه، والترجمةُ هي الأخرى كانت عاملا رئيسا في نجاحِه، إذ أن جارودي كان
حظُّه سيئا مع القارئِ العربي في سوءِ ترجمةِ بعضِ تراثه لكن جارودي في
عرضه لهذه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية – ولدولة إسرائيل، لم
يؤلف كتابا بالمعنى التقليدي، وإنما حرص على أن يجعل من الوقائع نسيجا
للحقائق، ويصنع مساحة من القماش قابلة للنظر وقابلة للفحص وقابلة لاختبار
التماسك والمتانة. الكتاب معلوماتي تحليلي بالدرجة الأولى كل حديثه يأتي
متبوعا بالمصادر والمراجع التي أخذ منها معلوماته ولم يتكلم بلسانه إلا
فيما ندر حتى لا يحاكم بتهمة معادة السامية وبالتالي لا يوجد طريق لإسكاته
إلا بالإرهاب والتعتيم الإعلامي. فقد فند كل الأسس التي تقوم عليها الدعاوى
الصهيونية وهدمها تماماً اعتمادا على الحقائق العلمية والتاريخية الموثقة
وحدها بعيداً عن الأساطير والخرافات التي صنع منها الصهاينة تابو محرم
البحث في أصوله. أعتبر الكتاب وثيقة تاريخية مهمة جداً للباحث وللقارئ
الفضولي وللمستطلع، الجانب الآخر في هذا المؤلف أنهُ يُعد من كتاب القرن
ومن الذين استجلبوا سُخط الصهاينة كمنظمات وكلوبي وكشعب!
الكتاب حقاً ممتع ومفيد يُغري بالقراءة يجب أن يكون في مكتبة كل عربي وأن يدرّس في مدارسنا وأن تُذكر تفاصيله في محافلنا وأن تدور أحاديثنا الصباحية عنه كي لا ننسى أن لنا قضية اسمها فلسطين.
الكتاب حقاً ممتع ومفيد يُغري بالقراءة يجب أن يكون في مكتبة كل عربي وأن يدرّس في مدارسنا وأن تُذكر تفاصيله في محافلنا وأن تدور أحاديثنا الصباحية عنه كي لا ننسى أن لنا قضية اسمها فلسطين.
بقلم/ (تلمسان/الجزائر) Farouk RIFAI
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق